السبت 18 ، شوال لعام 1445 الموافق 27 ، أبريل لعام 2024 18/10/1445 هـ الموافق 27/04/2024 م
logo main

تفاصيل الخبر

السياسة والتنمية في خطاب الملك سلمان

  • علي الخشيبان
  • 25 ، جمادى الأولى 1436 الموافق 16 ، مارس 2015
  • جريدة الرياض



"أتطلع إلى إسهام الجميع في خدمة الوطن" لمحت هذه العبارة بشكل واضح وكبير في الخطاب الذي ألقاه الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، فهذا الخطاب السياسي يأتي في سياق انطلاقة العمل ليشكل خارطة طريق وقيماً راسخة في مسيرة الحكومة الجديدة التي لم يمض على تشكيلها من الملك سلمان سوى أشهر معدودة.

الحكومة السعودية الجديدة جاءت بعدد كبير من القيادات الشابة والمستشارين بهدف واضح هو تسريع عمليات التنمية والتطوير وهذا ما تضمنه الخطاب الملكي نصاً حيث قال الملك سلمان -حفظه الله- في خطابه الثلاثاء الماضي "السعي المتواصل نحو التنمية الشاملة المتكاملة والمتوازنة في مناطق المملكة كافة والعدالة لجميع المواطنين وإتاحة المجال لهم لتحقيق تطلعاتهم وأمانيهم المشرعة في إطار نظم الدولة وإجراءاتها".

في إعادة قراءة هذا الخطاب الملكي لابد من الإشارة إلى مرتكزاته الأساسية التي وجهها الملك للمواطنين وآليات العمل التي سوف تتبعها الحكومة، فشمولية هذ الخطاب جعلت منه منطلقاً يمكن من خلاله الوصول إلى قراءة واضحة وسلسة للسياسة السعودية القادمة في الداخل والخارج، مما ساهم في فهم الرسالة التي أرادها الخطاب الملكي دون أن نسأل لماذا هذا الخطاب ولماذا هذا التوقيت..؟، والسبب خلف ذلك ان صيغة الخطاب الملكي اشتملت على رسائل واضحة لكيفية التعاطي مع مجمل القضايا التي تهم الوطن والمواطنين.

الإشارة الواضحة الى الثبات والاستقرار التاريخي وفقاً لمنطلقات سياسية واجتماعية قامت عليها المملكة، شكلت جوهر الخطاب الملكي وبأن المملكة العربية السعودية تعتمد الأسس الثابتة التي قامت عليها منذ عهد مؤسسها الملك عبدالعزيز -رحمه الله-، وفق قواعد ومرتكزات تحدد النهج السياسي والاجتماعي والاقتصادي مع تأكيد على الدور الإسلامي كون المملكة فيها الحرمان الشريفان وقبلة المسلمين، فالرسوخ على المبادىء والمنطلقات التاريخية ساهم في الحقيقة تاريخياً في استقرار المملكة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وهذا ما استهل به الخطاب الملكي كلماته ورسائله.

جاء في خطاب الملك سلمان أيضاً "أن التطوير سمة لازمة للدولة منذ أيام المؤسس -رحمه الله- وسوف يستمر التحديث وفقاً لما يشهده مجتمعنا من تقدم.." هذا التأكيد لشمولية التطوير والتحديث في المجتمع علامة بارزة لأن التطور والتحديث قضية فاصلة في دفع المجتمع نحو كل مقومات التقدم مع تأكيد على ان ذلك يجب أن يتم وفقاً للثوابت والمبادئ التي قامت عليها المملكة.

المشاركة المجتمعية وإسهام المجتمع بكل فئاته في التطور والنمو جاءت أيضاً في مقدمة الخطاب الملكي، فالمجتمع السعودي اليوم بفئاته الشابة هو أكثر ميلاً إلى المساهمة في تطوير وطنه عطفاً على مكتسباته العلمية التي حققها الشباب السعودي بجنسيه، لذلك شكلت هذه الرسالة مسؤولية كبرى امام المجتمع، فالدعوة الى اسهام الجميع في خدمة الوطن يجب أن تتم ترجمتها بشكل واضح في وسائل الاعلام والقنوات الرسمية، فالإسهام والمشاركة المجتمعية تشكلان ترجمة فورية للمواطنة الصالحة القائمة على الانتماء المؤدي الى المساهمة في كل مقومات الإنتاج والتطوير والمشاركة في العمل الوطني.

المجتمع واستقراره ونبذ دواعي الفرقة فيه وعدم الميل إلى التصنيف موضوعات بارزة في الخطاب الملكي، فالوحدة الوطنية اهم مرتكزات الاستقرار والمساواة في الحقوق والواجبات عنصر مهم في الاستقرار، وتحقيق هذا التوجه الملكي في نبذ الفرقة ينطوي على مسارات أكثر فاعلية يجب ان تمارسها الجهات المعنية بتحقيق هذه الرسالة، يوجب تفاعلاً أكبر من أجل البحث عن المكونات الفكرية والثقافية التي قد تكون سبباً للفرقة والاختلاف وخاصة أن المجتمع السعودي هو في حقيقته قائم على مكونات ثقافية وتراثية متنوعة.

من المسارات الثابتة التي طرحها الخطاب الملكي في السياسة السعودية الداخلية والخارجية التأكيد على أن مجلس الشؤون السياسية والأمنية ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية سيشكلان لاعباً رئيساً في السياسة السعودية عبر ترسيخ استراتيجيات تنموية وتطويرية تعمل على التيسير على المواطنين وتوفير سبل الحياة الكريمة لهم من خلال هذين المجلسين، فالمواطن في المجتمع يرى في هذين المجلسين قناة تنموية وتطويرية ذات فاعلية كبرى ستسهم في تسريع عجلة التنمية كون هذه المجلسين سيكون لهما فاعلية كبرى في بحث القضايا السياسية والأمنية والاقتصادية والتنموية والبت فيهما بإنتاجية.

التوجيه المباشر أيضاً الذي أكده خادم الحرمين -حفظه الله-، اشارته الى انه "وجه بمراجعة أنظمة الأجهزة الرقابية بما يكفل تعزيز اختصاصاتها والارتقاء بأدائها لمهامها ومسؤولياتها، ويسهم في القضاء على الفساد ويحفظ المال العام ويضمن محاسبة المقصرين" وهذا في الحقيقة رسالة واضحة ان الجهات الرقابية سوف تشكل جزءاً رئيساً في منظومة العمل الحكومي القادم، وان أنظمة جديدة ومهاماً أكثر فاعلية يجب ان توجد من اجل القضاء على كل المؤديات إلى الخلل في الأنظمة وكل المسببات للفساد.

السياسة السعودية الخارجية حظيت بتأكيد الملك سلمان -حفظه الله- بإشارته: ان سياسة المملكة ملتزمة بجميع المعاهدات والمواثيق الدولية مع تأكيد مباشر على ان المملكة ملتزمة بمبدأ احترام السيادة ورفض أي محاولات للتدخل في شؤونها الداخلية، بالإضافة إلى التزامها بالدفاع عن القضايا العربية والإسلامية مع تأكيد مباشر الى التزام المملكة بنهج الحوار وحل المشكلات بالطرق السلمية ورفض العنف، والممارسات التي تهدد الأمن والسلام العالمي.

مكونات الخطاب الملكي شكلت في مجملها قيم السياسية السعودية ومنهجية العمل السياسي والتنموي بكل مكوناته، فمحتويات هذا الخطاب شكلت في واقعها ومنطلقاتها القيم السعودية في عهدها الجديد عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، مع التأكيد على أن البعد التاريخي منطلق مهم لرسم السياسيات المستقبلية للمملكة.

اعتقد أن الاعلام والقنوات الدبلوماسية ومؤسساتنا الثقافية والتربوية عليها مهمة أساسية امام قراءة أكثر عمقاً لهذا الخطاب بهدف استخلاص القيم الكبرى التي اشتمل عليها الخطاب الملكي وجعلها في منظومة مكتملة مبسطة بحسب الاختصاص والاتجاه بحيث يستطيع المواطن فهمها وادراكها، كون هذا الخطاب سيمثل مرجعية تاريخية للعمل الحكومي في المجتمع لتلتزم به مكونات المجتمع والأجهزة والمؤسسات الحكومية.