الجمعة 17 ، شوال لعام 1445 الموافق 26 ، أبريل لعام 2024 17/10/1445 هـ الموافق 26/04/2024 م
logo main

تفاصيل الخبر

قصر العوجا.. واجهة التراث

  • زيد علي الفضيل
  • 18 ، رجب 1436 الموافق 7 ، مايو 2015
  • جريدة المدينة

قصر العوجا.. واجهة التراث

يحتل قصر العوجا حاليًّا مرتبة مهمّة في أماكن صناعة القرار العالمي، إذ بات كثير من الساسة والاقتصاديين وحتى العسكريين يتطلّعون بعين فاحصة ومترقبة لما يمكن أن يصدر من قرارات وأوامر ملكية من داخل أروقة ومكاتب قصر العوجا التاريخي. 
على أن للقصر في عيون المؤرخين وعاشقي التراث قيمة أخرى، فهو بالنسبة لهم رمز تراثي عالي القيمة، حيث حرص خادم الحرمين الشريفين الملك المؤرخ سلمان بن عبدالعزيز -يحفظه الله- على أن يأخذ القصر شكلاً تراثيًّا كاملاً في بنائه، إذ يمكن ملاحظة مدى اهتمام مهندسيه بأدق تفاصيل العمارة النجدية القديمة، حتى لكأنك تعيش في قصر عتيق، تم بناؤه قبل قرون عدة، وتلك هي القيمة الرئيسة الأولى في حيثيات ودلالات القصر.
أمّا الحيثية الثانية فتتمثل في تلك الصور التاريخية للمؤسس الملك عبدالعزيز وأبنائه ورجاله، ولمدينة الرياض قديمًا وحديثًا، ولعديد من اللقى والمتعلقات التراثية، التي تم نثرها جميعًا بشكل متناسق في مختلف ردهات وقاعات القصر، بحيث بات تحفة فنية، ومتحفًا حيًّا يستأنس بمشاهدته كل زائر للملك من السياسيين والعسكريين وغيرهم من المسؤولين. 
على أن الحيثية الثالثة للقصر المهيب تتعلّق بشخصية الملك سلمان -يحفظه الله- وهي أن القصر بتكوينه المعماري قد كشف عمق الجانب التاريخي في ذهن وروح خادم الحرمين الشريفين، ولا غرابة في ذلك فهو الملك المؤرخ الذي تعلقت روحه وذاكرته بحكايات التاريخ، وباتت ملهمة له في كثير من قراراته، وكيف لا يكون ذلك، وتاريخه متعلق بسيرة قائد عظيم كالملك عبدالعزيز -يرحمه الله-، وغيره من قادة التاريخ على مختلف العصور والأزمنة.
والجميل كذلك في هذا الإطار أن القصر بطبيعة هندسته التراثية قد أوضح شخصية الباحث المؤرخ في ذهن سلمان السياسي، والقائد لدى زائريه من قادة ورؤساء الدول، الذين حظوا بجولة تاريخية بمعيته في ردهات القصر وأروقته، واستأنسوا بشرح وافٍ عن طبيعة الهندسة المعمارية القديمة في نجد، وحيثيات كثير من الصور والتعليقات التراثية الشاخصة على جدران وزوايا قصر العوجا التاريخي. 
بقي لي أن أشير إلى مقولة: «الناس على دين ملوكها»، وبالتالي فإن اهتمام ملك البلاد سلمان بن عبدالعزيز بإعادة تشخيص التراث وإحيائه بصورة عصرية، رسالة للجميع بأهمية الحفاظ على ما بقي من تراث معماري أولاً، ثم العزم على إعادة تبني إحياء النسق المعماري التراثي التاريخي بحسب طبيعة ونسق كل منطقة، لجماله من جهة، ولمناسبته لهويتنا العربية الشرقية من جهة أخرى. فهل إلى ذلك سبيل؟! 

zash113@gmail.com