عبدالعزيز محمد الروضان

عبدالعزيز محمد الروضان

العنصر البشري هو عماد كل تطور، وهو الساعد الفتي لكل حضارة.. فإذا أردت أن أكتب عن البنية التحتية في بلادنا – حفظها الله – فلا بد أن يتقدَّم هذه البنية التحتية بنية فوقية وأقصد بها هنا العنصر البشري. فإذا كان الإنسان هو أول عوامل الإنتاج، وإذا كان أميناً يتحمل أعباء المسؤولية المنوطة به فإنه وبلا شك سيقدِّم لنا من واقع هذه الأمانة مخرجات جيدة. إذاً إن التعويل على الإنسان في إيجاد البنية التحتية مطلب ضروري وعماد نهضة شاملة. إن البنية التحتية في بلادنا أعزها الله تشهد أحياناً ضموراً وترهلاً في هيكلها البنيوي لأن المتعهد بإيجاد هذه البنية يفتقر أحياناً إلى الأمانة وعدم الحس الوطني وقبل هذا وذاك الحس الديني ووازعه. إنه من خلال سبري العميق لبنيتنا التحتية فإني أشاهد أن هذه البنية تأتي عليها عوامل التخريد وسرعة الإهلاك بصورة لافتة للنظر! كل هذا بسبب انعدام الأمانة في تنفيذ هذه البنية! إنه ليتملكني العجب أن أرى أحياناً أن معدات لهذا المشروع أو ذاك تعمل في نهاية المشروع وإذا بها أعمال الصيانة في أولها!! إن بنية بلادنا التحتية تُسند اليوم إلى مؤسسات وشركات لم تكن تحاكي جسامة هذه المشاريع الكبيرة، والسبب في ذلك أن المتعهد الأول الكفء إذا كان كذلك فإنه يقوم ببيع هذا التعهد إلى شركة أو مؤسسة أخرى لا تملك الإمكانات والخبرات! إن الشركات أو المؤسسات التي يُناط بها تنفيذ المشاريع التنموية ما هي إلا شركات أو مؤسسات متهالكة لا تملك خبرة ولا دراية في مجال تنفيذ المشاريع التنموية.. إذا كان الأمر كذلك، فإني أناشد ولاة الأمر – حفظهم الله – أن يوكلوا صناعة البنية التحتية إلى شركات عالمية لها سبق وشهادات في هذا المضمار. بالأمس يوم كانت الدولة – حفظها الله – تُسند البنية التحتية إلى شركات عالمية فإننا قد شاهدنا ولمسنا حسناً ومتانة في التنفيذ، حتى أن هذه المشاريع التي نفذتها مثل هذه الشركات يحصد ثمارها الآباء والأبناء.. فقد يأتي على المشروع التنموي نصف قرن أو يزيد ولايزال يعطي.. بعكس ما نشهده اليوم من تخريد سريع وتهالك أسرع!! إن غياب الخبرة والمهنية العالية في ميادين التنفيذ لهو السبب الأول عن هذا الضعف في بنيتنا التحتية. ما أود قوله متى ما أردنا أن نوجد بنية تحتية تقاوم الزمن، فلا بد أن نسندها إلى شركات عالمية لها باع طويل في هذا المضمار. إنه مع الأسف الشديد مع عدم الخبرة في شركاتنا المحلية فإنه يوجد ما هو أنكى من ذلك وهو عدم الأمانة والحس الوطني والوازع الديني كما ذكرت ذلك آنفاً. إن ولاة أمرنا في هذه البلاد ينفقون بسخاء من أجل إيجاد بنية تحتية تضاهي البنيات التحتية العالمية، ومع ذلك لا نشهد بنية تحتية تترجم هذا العطاء السخي والإغداق في النفقات! قد يقول قائل إننا حينما نُسند البنية التحتية إلى شركات محلية حتى تكون مداخيل وأرباح هذه المشاريع في جيب المتعهد الوطني فإن هذا توجه حسن، ولكن السبب الذي جعلنا نغض الطرف عنهم هو بسبب أنهم لم يتحملوا المسؤولية. إذا تعذر إسناد البنية التحتية إلى شركات عالمية لسبب أو لآخر فلا أقل أن يوجد طاقم إشرافي عالمي على الشركات المحلية المنفذة. وهنا قفز إلى ذهني شيء مهم وهو غياب التنسيق في صناعة البنية التحتية، فإننا نشاهد أحياناً على سبيل المثال أن رصف الشوارع يسبق التصريف الصحي هكذاا! وفي مثل هذا التصرف هدر للمال العام وتشويه لمنظر البنية التحتية وإيعاز بعض الأعمال إلى غير المتخصصين فيها.. إن المواطن أحياناً يطوله بعض الأذى والتبعات من عدم التنسيق بين الجهات المنفذة.