على الرغم من الدعاية التي شهدتها وصاحبتها والاستعدادات الكبيرة والإمكانيات التي سخرت لها، إلا أن الانتخابات الأخيرة للمجالس البلدية في مناطق المملكة كانت باردة ولم يحفل بها الناس كثيرا على العكس من التجربتين السابقتين اللتين شهدتا تنافسا محموما بين المرشحين وإقبالا لافتا من قبل الناخبين ودعاية وادعاءات ووعودا ببرامج انتخابية لوح بها عدد من المرشحين للناخبين حتى قال مرشح في محافظة صغرى دون أن يرف له جفن بأنه سوف يوفر سكنا خاصا لكل مواطن!
ولعل من أهم أسباب تراخي الناس عن المشاركة في الانتخابات الأخيرة أن التجربتين السابقتين لم تثمرا عن أي إنجاز يذكر حتى على مستوى الارتقاء بالخدمات البلدية، بل إن المسؤولين في الأمانات والبلديات قلما يحفلون بما تقدمه لهم المجالس البلدية من توصيات أو ملاحظات هذا إن هم اطلعوا عليها أصلا، واكتفت بعض المجالس البلدية باجتماعاتها الدورية ونشر أخبار اجتماعاتها وما اتخذته من توصيات وما قدمته من ملاحظات، ثم لا يحصل شيء على أرض الواقع لأن قرار التنفيذ بيد جهات أخرى!
وكانت المجالس البلدية قبل ما يزيد على أربعة عقود موجودة اسما لا فعلا وكان أكثرها نشاطا المجلس البلدي في مكة المكرمة ومع ذلك فقد كانت توصياته محدودة الأثر وقلما يستجاب لها هذا في الوقت الذي كان فيه أمين العاصمة المقدسة رجلا حيويا هو الأستاذ عبدالله عريف، ومع ذلك كان يوكل حضور الاجتماع لوكيله لشؤون الخدمات ويقوله له: اجتمع بهم يا عبداللطيف.. والمراد به الأستاذ عبداللطيف مراد - أمد الله في عمره - ولكن المجالس البلدية القديمة اندثرت واختفت عدة عقود لتظهر من جديد من خلال تجربتين لم تثمرا كثيرا فكان لا بد أن يقابل الناس التجربة الثالثة بهذا البرود.