كشفت وزارة الشؤون البلدية أن تكلفة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لتصريف السيول عن مدن وقرى المملكة تصل 94 مليار ريال للثلاثين عاما القادمة، وأنه تم اعتماد تكاليف المرحلة العاجلة من الاستراتيجية للفترة 1431-1436هـ، البالغ تكاليفها حوالى 21 مليارا وأدرجت ضمن خطة التنمية التاسعة. أهم ما في الخبر أن الوزارة كانت قد نسقت مع مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية بخصوص دراسات المناطق المعرضة لأخطار السيول، وتلقت منها جميع التقارير والمصورات الفضائية وسلمتها لأمانات المدن للاستفادة منها في مشاريع تصريف مياه الأمطار ودرء أخطار السيول (المدينة، 19 نوفمبر الجاري).
بغض النظر عن مدى استفادة أمانات المدن من المصورات الفضائية مقارنة بما نراه، إنما يبدو أن هناك لبسا أو تداخلا في تصريح الوزارة، بداية تحدث عن استراتيجية طويلة المدى بدأ تنفيذ شقها العاجل قبل خمس سنوات وانتهى العام الماضي، غير أنه عاد وحدد أولويات لاستراتيجية تصريف السيول، كإعداد البرامج والجداول الزمنية لتأهيل الكوادر وتفعيل الأنظمة ووسائل المراقبة، وجميعها أولويات المفترض أنه تم الانتهاء منها، إذ لا يعقل أن يستمر العمل بالاستراتيجية خمس سنوات ثم تظل أولويات هذا العام ذاتها أولويات العام 1431هـ. لم تنته مفاجآت الخبر بعد، يفيد التصريح أن الوزارة تعمل حاليا لإعداد دراسة لمعالجة مشكلات تصريف مياه الأمطار في المدن بتكلفة 5.6 مليار ريال لإدراجها ضمن خطط التنمية. هل سنبدأ من الصفر، ماذا عن «مشاريع» تصريف السيول منذ ما قبل 30 عاما، هل كل ما تم بناؤه من منازل وأحياء لم يحقق أولويات استراتيجية الوزارة التي بيدها إعطاء تصاريح البناء، وأن ما بني على فاسد فهو فاسد، وتتكرر مآسي الفساد دون أن نعرف من هو الفاسد.
نقطة أخيرة إذا أذنتم، وأكررها للمرة العاشرة، لم يستمر التفكير محصورا داخل الصندوق، منذ 30 عاما ونحن نصرف إلى البحر خيرا يأتينا من السماء نحن أحوج الناس له، نهدره في البحر ثم نعود ونستخرجه منه لنحليه بكلفة مضاعفة، نصرف وندرأ أخطار السيول عن المدن نعم، ولكن نسوقها إلى حيث يمكن معالجتها وإعادة استخدامها، هذا ليس إعادة اكتشاف للعجلة، دول كثيرة تفعل الشيء ذاته، بل تعيد تدوير المياه المستخدمة، وبعضها لديها أنهار عذبة ومصادر مياه عدة، نحن الدولة الفقيرة مائيا من أعلى الدول هدرا للماء، فإذا أضفنا له هدر مياه أمطارنا إلى البحر، ما عساها تكون نسبتنا؟