عبدالعزيز الروضان

عبدالعزيز الروضان

تنفق الدولة -أعزها الله بنصره- مليارات الريالات على البنية التحتية، ولا غرو في ذلك، فراحة المواطن والمقيم عند ولاة أمرنا -حفظهم الله- هدف منشود وغاية سامية، ولكن إن ما يدمي القلب أن المواطن لا يرى لهذه المليارات المنفقة من قبل خزينة الدولة أي أثر في زيادة تحسن البنية التحتية على مختلف مناشطها! ولا أدري ما هي الأسباب؟؟ فشوارعنا وطرقنا دائماً نراها لا تخلو من معدات وعمال يعملون.. ولكن عندما تأتي السيول على سبيل المثال لا الحصر لم نر لهذه الآلات التي كانت تعمل ليل نهار أي أثر يذكر!! فوقع بها قول القائل (أسمع جعجعة ولا أرى طحناً) هذه هي حالنا مع قنوات تصريف السيول في المملكة.. إني هنا ربما أميط اللثام عن سوء تصريف السيول، فإني لا أراها سوى عدم كفاءة هذه المؤسسات والشركات التي أوكلت إليها هذه المهام بسبب عدم الخبرة والدراية في مثل هذه الأعمال.. وإن السبب الوحيد الذي جعلنا نقطف ثمارا فجة في إيجاد بنية تحتية هزيلة هو أن الشركات المنفذة هي شركات أو مؤسسات ضعيفة بكل ما تحمله الكلمة من معنى! فالمناقصات تُباع وتُشترى من شركة إلى شركة ومن مؤسسة إلى مؤسسة حتى تصل إلى المنفذ الفعلي وهو هزيل مهلهل!.. وإذا كنت أتكلم عن البنية التحتية لبلادنا العزيزة فإني أقول لن يكون عندنا بنية تحتية متينة تقاوم الظروف والمشكلات حتى نسلمها إلى شركات أجنبية عالمية هي أصلب عوداً وأقدر كفاءة وأطول تجربة في هذا الميدان. إننا إذا أوكلنا في إنشاء بنيتنا التحتية إلى شركات وطنية هي في المهد ولم تشب عن الطوق بعد ومازالت في طور الحضانة فإن البنية التحتية لن تكون بنية متينة لهذه الحيثية.. إن البنية التحتية هي عادة عنوان لهذا البلد أو ذاك، فإذا كانت البنية التحتية ضعيفة فهذا مقياس ينم عن عدم الكفاءة!! إننا في بلادنا قد حبانا الله تعالى موارد مالية نستطيع أن نحل بها كل أزمة بإذن الله، ولكن ليس بالمال وحده يحل كل شيء، فلا بد مع المال الإخلاص والحس الوطني الحي من قبل هذه الشركات. إن مبدأ الإخلاص هو مبدأ قدسته الأديان وثمنته الأعراف الاجتماعية. وحتى لا أدخل في صميم النيات فإني ربما أقول إن غياب مبدأ الجدارة والخبرة متأتٍ قبل غياب مبدأ الإخلاص.. دعوني أوضح ذلك أي أن ضعف بنيتنا التحتية ربما كان بسبب ضعف الكوادر المشرفة والمنفذة أقصد الضعف الفني، كأني أقول إن عدم الخبرة والدراية من قبل هذه الشركات المنفذة هو الذي أوصلنا إلى ما نحن عليه اليوم، وكأني أقول: إن الحكمة التي تقول «أعط الخباز خبزك ولو أكل نصفه» يجب أن نفعل معناها في إنشاء بنيتنا التحتية.. إننا حينما نرى أن السيارات غارقة في هذه السيول كأنها لعب أطفال فالمشهد يغني عن ألف كلمة!! إن ولاة أمرنا حفظهم الله وأمدهم الله بعونه لم يبخلوا يوماً بوسيلة تجلب الراحة للمواطن والمقيم، ولو أن الخير في الثريا لجلبوه لنا، ولكن لا بد أن يردف مع حرص ولاة الأمر إخلاص من المسؤولين ومن كل من يوكل إليه أمر.. إن الدولة -حفظها الله- حاولت أن تكون مداخيل هذه المشاريع التنموية في جيب المواطن لا جيب غيره، ولكن لم تقدر الشركات الوطنية هذه الحظوة والثقة!! وإني أنحو باللائمة على هذه الشركات والمؤسسات، فإني في نفس الوقت أثمن قدرة الله تعالى وأنها فوق الجميع وليس لأحد أن يقف أمامها مهما عمل الإنسان.. فأحياناً تكون المشكلات أعظم من قدرة البشر ولا طاقة لهم بها، وحينئذٍ يجب أن نغض الطرف عن ذلك، ولكن ولله الحمد والمنة إن المشكلات التي حصلت لدينا لا تتجاوز كشف السوأة من أجل تدارك الأوضاع. وخلاصة القول إننا اليوم بأمس الحاجة إلى من يملك الخبرة والدراية في وضع الحلول المناسبة لهذه المشكلات، وإني لا أجدها إلا في الشركات العالمية فهي أطول باعاً في هذا المضمار. وإن تعذر وجود الشركات العالمية فلا أقل أن تكون مشرفة ومراقبة على الشركات الوطنية، وإن من أم المشكلات التي أقضت مضاجع المسؤولين هي تصريف السيول.. ولكوني أرى أن بعض المخططات العمرانية والشوارع العامة مهابط أودية وإنه من الصعوبة بمكان القضاء على هذه المشكلة؛ فإني أرى أن تصرف هذه السيول إلى المياه الجوفية في الأرض عن طريق حفر بعض الآبار الجوفية في الأرض حيث تمتص هذه السيول.. لأنه يتعذر صرفها إلى أماكن أخرى؛ فالأماكن الأخرى مأهولة بالسكان كذلك.