هذا العنوان مستعار من عنوان كتاب جميل للدكتور عبدالله السدحان استعرض فيه الآثار المترتبة على التوسع العمراني في المدينة السعودية وقدم من خلاله عرضاً تاريخياً ضافيا لمراحل نمو هذه المدينة المتضخمة والتي بلغت حداً يثير الشفقة على سكانها.
لا أعرف أين موقع هذه المعضلة القادمة بقوة من التخطيط العام أو التخطيط العمراني وهل هذا حصيلة ما خطط له !! أم أن التخطيط في واد وما يجري (حسب التساهيل) في واد آخر!!
دون شك فإن المملكة قد حققت قفزة لا يدركها البعض في عملية التحضر حيث إن نسبة الحاضرة من السكان عند توحيد المملكة على يد المغفور له الملك عبدالعزيز وتحديداً عام 1950م لم تكن لتتجاوز 9% من إجمالي السكان مقارنة بـ25% في الإمارات و 51% في الكويت و71% في البحرين و 50% في قطر و 3% في عمان (برنامج الأمم المتحدة الانمائي) وفي عام 2015 كانت نسبة المناطق الحضرية من السكان قد قفزت إلى 83% وهي أعلى نسبة تحول اجتماعي في المنطقة خلال هذه الفترة، لكن كان لذلك ثمنه الكبير في الجانب الآخر وخصوصاً بعد الهجرة الثانية من المدن الصغيرة والمتوسطة إلى المدن الكبيرة.
الباحث يشير إلى أن النازحين إلى مدينة الرياض يشكلون ثلثي حجم النمو لسكانها خلال الخمس سنوات فقط(1991-1996) وهو ما يعني أن المشكلة ليست ديمغرافية بقدر ما هي تخطيطية وتنموية بالدرجة الأولى.
ورغم أن ثمة تعدادا للسكان يحصل كل عشر سنوات على ما أظن، إلاّ أننا لم نستفد للأسف من هذه الإحصاءات وما يتمخض عنها من مؤشرات في ذلك الوقت وقبل اختناق هذه المدن بسكانها وخدماتها في السنوات الأخيرة فليس ثمة خطط أفقية تساهم في إعادة انتشار السكان عن طريق مراجعة وتعديل بعض السياسات التنموية التي تجعل من هذه المدن الكبرى محطاً لبرامج التنمية وفرص العمل والتجارة والخدمات العامة من الوزارة إلى الجامعة مروراً بالشركة والمصنع !!
تكاليف مترو الرياض تناهز 200 مليار وهو إجراء علاجي ضمن جملة من الأمراض التي أصابت المدينة وترتبت على تضخمها، وكان يمكن تلافي هذه التكاليف أو بعضها مثلا لو تم إنفاق بعض هذا المبلغ - وفي سنوات سابقة - على هذه المدن المحيطة بالرياض كحلول وقائية لكبح جماح هذه الهجرة ..
وما ينطبق اليوم على الرياض وجدة أظنه سوف ينطبق على بقية المدن تباعا أيضاً والمسأله مسألة وقت.