لماذا اعتبرت الرياض في عيون كل سعودي هي الدولة.. من وجهة نظري لأنها مقر الحكم.. وهي السلطة والسلطان.. وهي القرار والإعلام.. وهي مجمع الأنشطة وفرص العمل.. هي المركز الثقافي والسياحي.. وهي ملتقى كل الطرق.. هي البحر العميق الذي يبتلع النسبة الكبرى من الاستثمارات وهي مجمع المؤتمرات.. هي مصدر الأرزاق للمواطن والمقيم النظامي وكذلك للعمالة الهامشية.. هي مرتع البناء الخرساني الذي يمتد على الأرض ويغطي جميع اتجاهاتها رغم وقوعها في الصحراء.. هي أعلى الكثافات السكانية وأغلى الإيجارات السكنية.. هي الفنادق والمستشفيات والجامعات والخدمات.. هي التي تمتلك كل عوامل الجذب السكاني، تسكنها دولة قوامها سبعة ملايين نسمة وتستقبل في السنة نفس الرقم من أنحاء الوطن، توفر لهم الدولة مقومات الحياة من الخدمات غير المتوفرة بمدنهم. تنشأ وتحدث بها الجسور وتبنى بطرقها الأنفاق، مشكلاتها المرورية تتفاقم كل يوم لا ينفع معها التخطيط ولا تقوى عليها الإدارة المرورية تلين أمامها كل إرادة هندسية وتعجز عنها كل قيادة تنموية أعدت لها كما هائلا من الدراسات وأصدرت لها عديداً من التوصيات والقرارات.. وهي صامدة بعنادها تفتح كل أبوابها للباحثين عن العمل والإقامة والهجرة.. والرياض لا تشبع عقاريا وإن أصابتها التخمة لأن المتحكم بها عقارياً عددهم لا يتعدى أصابع اليد الواحدة، فكلما امتدت أفقيا على الأراضي الصحراوية كانت دون مقومات وبأسعار تتعدى المخيلات حتى وصل نطاقها العمراني قبل سنة هدفه بعشرين عاما وعندما عجزت امتدت رأسيا في الأبراج السكنية دون إدارة أنظمة عمرانية وإدارة أملاك يسكنها ربع سكان الرياض، يحاسب فيها الفرد كما يحاسب في أي مكان آخر في المملكة، فهو يدفع نفس قيمة الماء والكهرباء في الوقت الذي تتضاعف فيها أكثر من غيرها المعيشة. تدير أمورها التنموية الإدارات المحلية وتنافسها فيها الأجهزة المركزية فهي تقف حائرة ضائعة بين المركزية والمحلية وهي لا تدري إذا كانت مدينة أو منطقة أو دولة.
والرياض تتمتع من ناحية أخرى بأكبر نسبة من زحمة السيارات، كما أنها تتميز بأكبر نسبة من التلوث البيئي والبصري، وتزيد فيها نسبة الحوادث والانحرافات وتتوه فيها الحقوق والواجبات، هي كالبحر يأكل فيها الكبير الصغير وتختفي فيها الطبقات وسط الزحام، تستهلك أكبر قدر من الأقلام والأوراق ويصدر عنها أكبر قدر من البيانات والقرارات وتملأ الدنيا بالصرخات.. وفي الأسبوع القادم عزيزي القارئ أترجم لك الصرخات بالكلمات.