السبت 11 ، شوال لعام 1445 الموافق 20 ، أبريل لعام 2024 11/10/1445 هـ الموافق 20/04/2024 م
logo main

تفاصيل الخبر

النقل العام شريان الحياة

  • د. عبدالرحمن الطريري
  • 17 ، صفر 1438 الموافق 17 ، نوفمبر 2016
  • جريدة الاقتصادية

في العدد الـ 75 من مجلة "تطوير"، الصادرة من الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، ملف خاص عن مدينة الرياض ورد فيه كثير من المعلومات بشأن عاصمتنا الجميلة، ما يعكس التطور والنمو السريع الذي تمر به، وإن كان النمو في بعض جوانبه غير محبب لما يحدثه من ضغط على الخدمات، وزحام، وتلوث تتحول معه المدينة إلى مكان سكن غير مريح. مما ورد من معلومات أن عدد السكان بلغ ستة ملايين ونصف المليون نسمة، وهذا يقتضي كثيرا من الجهود من قبل الجهات المقدمة للخدمات العامة من كهرباء، ومياه، وتليفون، وصرف صحي، وتصريف سيول، ومدارس، وخدمات صحية.

مما ورد أن عدد السيارات في المدينة بلغ مليوني سيارة، وهذا يؤكد ما سبقت الإشارة إليه من أن النمو السكاني يترتب عليه الطلب المتزايد على خدمات النقل، ما يشجع على اقتناء السيارات الخاصة، ومع افتقاد الأنظمة الدقيقة بشأن حالة السيارة، وسنة تصنيعها نلاحظ كثيرا من السيارات تجوب الشوارع وهي في حالة يرثى لها، حيث تنشر التلوث، وتزعج سالكي الطريق الآخرين، إضافة إلى سوء القيادة، نظرا لأن البعض لا يلتزم بالنظام، ولا يقيم له وزنا على الإطلاق، كما أنه جاء من بيئة لا يمكنه اقتناء سيارة فيها.

تناول العدد مشروع الملك عبدالعزيز للنقل العام، ومراحل ونسبة الإنجاز التي حققها، إلا أن معلومة وردت استوقفتني حيث تمت الإشارة إلى أن المشروع سيوفر 23 ألف فرصة عمل، ما استدعى الهيئة لتوقيع اتفاقية مع وزارة العمل والتنمية الاجتماعية لتدريب وتأهيل العاملين في إدارة وتشغيل المشروع بعد إنجازه وتتضمن الاتفاقية:

1 - برنامج التدريب ونقل التقنية

2 - برنامج التعاون مع الجامعات

 

3 - منصة موحدة للتأهيل والتدريب في مجال النقل العام

4 - برنامج توطين الوظائف، والتأهيل ضمن عقود التشغيل والصيانة

التأمل في البرامج السابقه يؤكد التوجه الجاد لإحداث نقلة نوعية، وحضارية في النقل العام بدلا من الفوضى المرورية العارمة التي نشاهدها في شوارع العاصمة، لكن شيئا لا يزال ناقصا في تخطيط العاصمة، ألا وهو المواقف العامة، ومن يقدر له الذهاب للشريط التجاري بين طريق الملك فهد، وشارع العليا العام يدرك التقصير الواضح في هذا الشأن من قبل الهيئة وأمانة مدينة الرياض حيث الفوضى واضطرار الناس للوقوف كيفما اتفق، وهذا إن استمر يمثل صورة بشعة تسيء لمظهر المدينة العام، كما أن هذا لا يقتصر على الشوارع الرئيسة، وأماكن العمل، والتجارة، بل إن الأحياء تعاني أشد المعاناة لسوء تخطيط الأحياء، وعدم أخذ المواقف في الاعتبار. ومع أن البرامج السابقة تنص على التأهيل إلا أني أرى ضرورة تضمين البرامج جرعات قوية، وعميقة بشأن أخلاقيات المهنة، خاصة أن من يعمل في النقل العام يتعامل مع الجمهور بمختلف مستوياتهم التعليمية، والثقافية، والعمرية، واختلاف اللغات، وهذا يتطلب صبرا، وسعة صدر، وضرورة تفهم لمن يستخدم النقل العام.

لمسة تربوية جميلة أقدمت عليها الهيئة حين عملت مسابقة رسوم الأطفال التي شارك فيها ألف و800 طفل توضع رسوماتهم على حواجز المشروع، إلا أني أقترح أيضا أن يتم اختيار الرسومات المعبرة، وذات الأفكار الإبداعية لتوضع في المحطات، والميادين العامه لمزيد من التحفيز لأبناء الوطن، فطفل اليوم بالغ الغد، وسيجد هو وأسرته في وضع رسمته على حائط محطة، أو ميدان عام تشجيعا، ودعما له لمزيد من الإبداع، خدمة للوطن الذي يستحق كثيرا من أبنائه الذين يتطلعون إلى هذه الفرص التي تمكنهم من خدمة وطنهم.

ما من شك أن النقل العام بكل وسائطه داخل المدن، وفيما بينها، وبين الوطن بكامله، والبلدان الأخرى يمثل شريان الحياة لنقل البضائع، وانتقال الناس، ومع ما تحقق من مشاريع إلا أن سعة الوطن، ونمو مدننا السريع يحتاجان إلى أن نسابق الزمن ليتناسب ما ننجزه مع سرعة نمو المدن، وحجم البضائع المتحركة من مكان لآخر.