قد يكون الانطباع والتصور عندما نرى سيارة متسخة، أن سائقها كذلك، وأنه كما لم يهتم بنظافتها فقد لا يهتم بنظافته الشخصية! وقد يكون هذا التصور والانطباع محتملا لدرجة كبيرة، كما أن السيارة المتسخة تسهم في التلوث البصري الذي يجوب شوارعنا في كل وقت، ناقلة هذا التلوث في كل مكان، خصوصا شاحنات الصرف الصحي «أعزكم الله».
وتؤكد دراسة أن نظافة السيارة قد تحمي من الأمراض وانتقال الجراثيم من سائق أو راكب لآخر، علاوة على ذلك فإن نظافتها قد تسهم في الوقاية من الحوادث المرورية - لا سمح الله - خصوصا في الزجاج الأمامي والخلفي والنوافذ الجانبية؛ لأن اتساخها قد يحجب الرؤية عن السائق.
هذا عدا استهلاك الوقود في السيارات غير النظيفة؛ لأن الأوساخ فيها قد تقلل من ديناميكيتها، نتيجة تراكم الأتربة في فلاتر الوقود وفتحات التهوية وفتحات التكييف، ما يجعلها تحرق مزيدا من الوقود، كما أثبتت الاختبارات أن السيارة النظيفة تستهلك وقودا أقل 10 في المئة من غير النظيفة.
ومن هنا، يجب ألا نعتبر أن اتساخ السيارة مسألةً شخصيةً بالنسبة لسائقها، بل إن الأمر يتعدى ذلك؛ كونه تلوثا بصريا متحركا.
وقد يكون التطرق إلى موضوع كهذا غير مستحسن لدى البعض، ولكن كي لا يتحول إلى ظاهرة، خصوصا مع قدوم فصل الشتاء وانتشار ما يعرف لدى الشباب بالتغبيرة.
دراسة: بكتيريا وأمراض لا يمكن توقعها في السيارات المتسخة
إجماع دولي
ومن الملاحظ أن هناك إجماعا تتخذه إدارات المرور أو ما شابهها في كثير من الدول على أن قيادة السيارة في الشوارع وهي متسخة تعرض قائدها للمخالفة والغرامة.
ففي الصين مثلا: وصلت الغرامة إلى نحو 300 دولار، وفي سلطنة عمان تمنع السيارات المتسخة من التجول في الطرقات، وتفرض على المتجول بها مخالفات.
وفي دبي، يتم فرض غرامة مالية قدرها 135 دولارا على السيارات المتسخة، حيث تحذر بلدية دبي السكان من التأخر في غسل وتنظيف سياراتهم، ما يجعلها متسخة وضارة بالمظهر الحضاري للمدينة.
وفي روسيا، يتم رصد السيارات التي تصل درجة اتساخها إلى حد يضر بجمالية المدينة ومظهرها الحضاري، وتسليم السائقين المخالفين إنذارا أوليا، بأن عليهم المسارعة لغسل سياراتهم خلال 15 يوما لا أكثر، لكي يتجنبوا الغرامة المالية الجديدة. كما أن من يتركون سياراتهم متسخة أياً كانت الأسباب أو الظروف، فالشرطة يمكنها أن توقف صاحبها وتغريمه 2000 روبل روسي.
وفي أبو ظبي، يتم فرض غرامات ماليّة على سائقي السيارات الذين لا يواظبون على تنظيف سياراتهم بانتظام، حيث يواجه من يهملون نظافتها غرامة ماليّة قد تصل حتّى 3000 درهم.
سلامة وتوفير
ولا شك أن نظافة السيارة بمظهرها الخارجي والداخلي ترسم انطباعا إيجابيا عن سائقها، كما أنه قد يحمي ركابها من اتساخ ملابسهم وحاجاتهم بجسم السيارة من الخارج ومن الداخل، كما قد يحميهم من الإصابة بفيروسات وأمراض محتملة، بسبب تجمع الأوساخ.
ولدينا شاحنات الصرف الصحي - مع الأسف - غالبا ما نراها متسخة، ويعلم الجميع أن اتساخها غير مغتفر لما يحمله من نجاسة وانتشار الأمراض والأوبئة.
ويقال إن نظافة السيارة قد تسهم في تقليل استهلاك الوقود، حيث إن اتساخها قد يسهم في تراكم الأتربة بفلاتر الوقود وفتحات التهوية وفتحات التكييف، ما يجعل السيارة تحرق مزيدا من الوقود، كما أثبتت الاختبارات أن السيارة النظيفة تستهلك وقودا أقل بنسبة تقدر بـ 10 في المئة من السيارة غير النظيفة.
ومع الأسف فمن المتوقع أن من لا يقوم بتنظيف السيارة من الخارج فقد لا يهتم بتنظيفها من الداخل.
فقد ذكرت دراسة بريطانية حديثة، أن السيارات المتسخة قد تتحول إلى أرض خصبة للبكتيريا والفيروسات وفقاً لما أكدته جامعة توتنهام، فيما اعترف 8 في المئة من البريطانيين بأن سياراتهم تكون في أوقات كثيرة غير نظيفة، فيما قال 51 في المئة إنهم يسقطون الطعام فيها، فيما قال 35 في المئة إنهم يسقطون المشروبات.
وقالت الدراسة إنها وجدت حشرات وبكتيريا معينة تتكون في السيارات خاصة على عجلة القيادة والمقاعد.
وقالت الدراسة إن 25 في المئة من الناس يقومون فقط بتنظيف سياراتهم خاصة الجزء الداخلي مرة علي الأقل كل ثلاثة شهور، بما يمنع ظهور الحشرات وتكاثرها في السيارات.
وقال 8 في المئة من البريطانيين إنهم يلقون القمامة أسفل المقاعد، فتتحول بقاياها إلى التلف والتعفن، بما يؤدي إلى انتشار البكتيريا والجراثيم في كل أنحاء مقصورة السيارة.
كما أن 60 في المئة من البريطانيين يأكلون داخل السيارات، فيما قال 6 في المئة إنهم وجدوا طعاما متعفنا في السيارة.
وقال القائمون على الدراسة إنهم يشعرون بالقلق؛ لأن كثيرا من البريطانيين لا يرمون القمامة وبقايا الأكل خارج السيارات، ما يعني انتشار بعض الأمراض بسبب انتشار البكتيريا، فيما قالت الدراسة إنها وجدت بكتيريا وأمراضا لا يمكن توقعها في السيارات.
الفنون جنون
مع دخول فصل الشتاء، تنتشر ظاهرة ما يسمى «التغبيرة» لدى بعض الشباب المراهقين، وطريقتها أن قائد السيارة المراهق يمشي ملاصقا للشاحنات أثناء المطر؛ كي يتم غمر وتبليل سيارته الصغيرة بالمياه الملوثة فيتركها حتى تجف، فتكون السيارة مغبرة بالكامل، فيبدأ بعضهم بالتشكيل والرسم عليها بواسطة المسح.
ويمنع المرور ما يسمى «التغبيرة»؛ كون ذلك قد يتسبب في تغيير معالم السيارات بألوان مختلفة، وقد ترتكب جرائم نتيجة ذلك، وقد تصل غرامة المخالفين إلى 900 ريال.
ولأن الفنون جنون كما يقال، ففي بعض الدول يقوم بعض الفنانين بإظهار مواهبهم الفنية، بالرسم على السيارات المتسخة، وهو ما يطلق عليه عالميا فن «السيارات القذرة»؛ حيث يحول الفنان الغبار المتراكم على السيارات المتسخة إلى لوحة فنية تتشكل على سطحها عشرات الرسوم بفرشاة جافة يتم تمريرها على الغبار لرسم تفاصيل اللوحة، ومن أشهر رواد هذا الفن الفنان الأميريكي سكوت واد، الذي هوي الرسم من طفولته، واكتشف القدرة السحرية التي تجعله يحول الغبار والأوساخ التي يشمئز منها الجميع إلى لوحة فنية تخطف العيون، ويقترب منها كل من يراها ليلتقط لها الصور.
ونختم بقصة ظريفة، نشرت إحدى وسائل التواصل الاجتماعي قصة جار وجد سيارة جاره متسخة، فوضع له مبلغا من المال ثبته في ماسحة الزجاج الخلفي، وكتب على زجاج السيارة المتسخة عبارة اغسلها، وكأنه يقول: «وعلى حسابي» ليستفزه. فقام صاحب السيارة بغسلها، «ومن باب المداعبة» ترك لجاره المتبرع باقي المبلغ في المكان نفسه الذي تركه له فيه، كما في الصورة المرفقة.