الجمعة 17 ، شوال لعام 1445 الموافق 26 ، أبريل لعام 2024 17/10/1445 هـ الموافق 26/04/2024 م
logo main

تفاصيل الخبر

الرياض.. عصرية وصديقة للبيئة

  • نورة العطوي
  • 14 ، رجب 1440 الموافق 21 ، مارس 2019
  • جريدة الرياض

في الوقت الذي بدأت فيه معظم دول العالم لإنشاء المدن الخضراء الصديقة للبيئة كأحد أهم خطط التنمية المستدامة، جاءت حزمة المشروعات التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وتقوم عليها لجنة المشروعات الكبرى برئاسة الأمير محمد بن سلمان، لتحقيق أحد أهداف رؤية السعودية 2030 برفع تصنيف مدينة الرياض بين نظيراتها من مدن العالم، لتكون العاصمة واجهة حضارية جاذبة وجميلة وذات بيئة مستدامة.

ويعد مشروع الرياض الخضراء -أحد تلك المشروعات– التي تؤكد على امتداد الرؤية ومضيها في العمل بخطط وبرامج تحقق جودة الحياة لتكون الرياض من أفضل المدن للحياة في العالم، ولا شك أن مثل هذا المشروع التطويري سينقل الرياض لمصاف أكثر المدن عصرية حيث يتضمن حدائق كبيرة ستضاعف المساحة الخضراء، وأنواع من الملاعب المناسبة للجنسين وبحيرات مائية؛ مما يوفر بيئة صحية وترفيهية عالية الجودة لسكانها، كما يأتي المشروع تجسيدا لمدينة صحية ومستدامة عن طريق تحقيق التوازن بين التطور الاقتصادي والبيئة المحمية.

ويهدف المشروع إلى رفع نصيب الفرد من المساحة الخضراء في المدينة من 1.7 متر مربع حالي، إلى 28 متراً مربعاً، بما يعادل 16 ضعفاً عمّا هي عليه الآن، وزيادة نسبة المساحات الخضراء الإجمالية في المدينة من 1.5% حالياً إلى 9 % بما يعادل 541 كيلومتراً مربعاً، وذلك من خلال زراعة أكثر من 7 ملايين ونصف المليون شجرة، في أنحاء الرياض كافة.

تحسين البيئة

وأوضح المستشار الزراعي د. خالد بن محمد الفهيد أن من ضمن حزمة المشروعات التنموية التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - لتنمية وتطوير الرياض العاصمة مشروع الرياض الخضراء الذي يعد مشروعا بيئيا نوعيا مميزا يهدف إلى إحداث نقلة تنموية نوعية لتحويل العاصمة إلى مدينة عصرية في مصاف أفضل عواصم العالم بما يتوافق مع رؤية المملكة 2030 التي يقودها عراب الرؤية سمو ولي العهد -حفظه الله- لتكون مدينة جاذبة يتوفر فيها سبل العيش والرفاه لساكنيها.

وقال: إنه من المؤمل أن يساهم هذا المشروع في تحسين أداء الرياض بحيث تتحول من مدينة تزيد التلوث إلى مدينة خضراء صديقة للبيئة برفع كفاءة استخدام المقومات الطبيعية فيها ومن أهمها الاستفادة من المياه المعالجة لزيادة الرقعة الخضراء بزراعة أكثر من 7.5 ملايين شجرة من أنواع متعددة لأشجار يفوق 75 نوعا تناسب البيئة المحلية ليس من ضمنها النخيل في كافة أنحاء العاصمة ستساهم بمشيئة الله في رفع نسبة الأكسجين في المدينة وتقليل الأثر السلبي للتلوث بها وكذلك المساهمة في القضاء على مستنقعات مياه الصرف الصحي حيث سيتضاعف معدل استغلال المياه المعالجة إلى أكثر من 11 ضعفا.

وأشار الفهيد إلى أن من أهم مميزات المشروع استهداف العديد من المنشآت الحيوية التي لها ارتباط وثيق بمختلف شرائح المجتمع وخاصة الناشئة من طلاب المدارس والجامعات والمشروع يستهدف زراعة المرافق منها 9000 مسجد و6000 مدرسة و64 جامعة.

التنمية المستدامة

كما أوضح الناشط البيئي طارق حسين أن أهمية مشروع الرياض الخضراء تكمن في كونه من أكبر المشروعات ذات المردود البيئي المتكامل وداعم رئيس نحو تحقيق التنمية المستدامة والتي تتوافق مع تحقيق رؤية السعودية 2030 ويوفر كافة مقومات الرخاء الاجتماعي من حيث تعدد وسائل الخدمات التي سيوفرها، سواء على الجانب الصحي أو الرفاه الاجتماعي والاقتصادي حيث إن زراعة ملايين الأشجار سيكون ذو مردود مادي سيخلق فرص وظيفية تسهم في خفض نسبة البطالة وإتاحة الفرصة للقطاع الخاص لأن يكون شريك بالتنمية.

وأكد على أن المدن الخضراء تساهم في جودة الحياة برفع المستوى الصحي والثقافي وزيادة معدلات (متوسط الأعمار (عبر التصدي لظاهرتي التصحر وتغير المناخ وإزالة التلوث بمختلف أنواعه وأشكاله، على سبيل المثال يعد التلوث الهوائي من أخطر أنواع التلوث فقد تسبب تلوث الهواء بوفاة (9) ملايين شخص في الهند والصين عام (2015) ووفق آخر الإحصائيات فإن نسبة 7 % من مرضى السكري في المملكة نتيجة تلوث الهواء، مشيرا إلى إن جودة الحياة تكمن في سلامة محيطنا البيئي بالتصدي لكل ما من شأنه الإضرار به والتعامل الأمثل معه بمكافحة التلوث وتجنب الممارسات الخاطئة التي ألحقت الضرر بالمكونات الحيوية كفوضى الاحتطاب والصيد المحظور والرعي الفوضوي والعشوائي خلاف التلوث، مؤكدا أن أعمال التشجير لها الدور الأول في تلافي هذه السلبيات وتحقق تلطيف وتنقية الجو من الشوائب والغازات الذائبة والمتفاعلة والحد من الأمطار الحمضية الناتجة عن عمل المصانع.

تعزيز الصحة النفسية

من جانبه أكّد الاستشاري النفسي أ.د علي بن صحفان على أن المسطحات الخضراء ليست مفيدة للصحة الجسدية والنفسية فحسب، بل إنها ملهمة للشعراء والرسامين، مضيفا أن هناك دراسات وبحوث عملت ونشرت بمجلات علمية عالمية محكمة تؤكد قدرة تأثير الأشجار والنباتات على صحتنا النفسية، وهو أمر يلقي بظلاله على حياتنا الأسرية والوظيفية والتعامل البيني بين البشر القاطنين لهذه المدن ذات المسطحات الخضراء.

وأشار إلى أن الأشجار تعمل كرئة للمدينة تقلل الأتربة المنتشرة بالسنوات الأخيرة وتزيد من نسبة الرطوبة، وهو أمر آخر لتقليل من تأثير الأتربة على العين والجهاز التنفسي للإنسان، مؤكدا على أن إطلالة مكاتب الموظفين على هذه المسطحات يزيد من همتهم للعمل ويحسن علاقتهم بالعملاء. لان التأمل في الطبيعة الخضراء يخفف من الضغط النفسي التراكمي نتيجة العمل والاحتكاك اليومي بالمراجعين.

دراسات علمية

وذكر د. بن صحفان أن هناك دراسة أجريت على الموظفين أظهرت نتائجها أن الموظفين التي تطل مكاتبهم على مساحات خضراء أكثر إنتاجية مقارنة بنظرائهم الذين لا تطل مكاتبهم على مسطحات خضراء، وهناك دراسة أخرى أجريت بأحدي المستشفيات وجدت أن المرضى الذين تعرضوا لعمليات جراحية وكانت غرفهم مطلة على مساحات خضراء كانوا أسرع شفاء في مرحلة النقاهة بعد العملية، وأقل عرضة للمضاعفات المختلفة من المرضى الذين كانوا في غرف لا تطل على مساحات خضراء وتعرضوا لنفس النوع من العمليات. وتابع بقوله: المتمعن لنفسيات الناس يجد أنها تختلف بالربيع الذي تتفتح فيه الزهور وتكثر المسطحات الخضراء مقارنة بفصل الصيف الجاف! مؤكدا على أن توجهات الدولة الأخيرة بالاهتمام بالمسطحات الخضراء هو لفتة كريمة للاهتمام بأدق التفاصيل التي تهم قاطنين مدننا والتي كانت أشبه ما تكون بكتل صماء! إلاّ أن المستقبل لمدننا سيكون رائعا ولا أدل على ذلك إلا هذه المشروعات التي وقعت بمليارات الريالات لزيادة المسطحات الخضراء بمدينتنا الحبيبة "الرياض"، داعياً الباحثين وأمانة الرياض لعمل دراسة ميدانية على قاطني مدينة الرياض لمعرفة نفسياتهم الآن ومقارنتها لاحقا بعد افتتاح حديقة الملك سلمان وبقية الحدائق والمسطحات الخضراء.